الإدارة: أيّ التخصصات أكثر تأهيلا للإدارة بنجاح؟

قبل أسابيع قليلة أطلقت مؤسسة DDI للدراسات و الأبحاث دراسة انتشرت خلاصتها على مواقع التواصل الاجتماعي و خصوصا LinkedIn. الدراسة نظرت الى خمسة عشر الف قائد من ثلاثمائة منظمة مختلفة منتشرين على ثمانية عشر دولة. اذ قارنت مهارات أولئك القادة و أدائهم الإداري مقارنة فيما بينهم على ثمانية مهارات إدارية مقارنة مع تخصصاتهم. الحقيقة النتيجة لم تكن مفاجئة ففي ميدان العمل النتيجة كانت ملموسة الا ان الدراسة اثبتتها بتناولها شريحة كبيرة يصعب دحضها او الافتراء عليها بانها مجرد رأي أو نظرة من شخص واحد.

جدول توضيحي لمن هم أنسب للنجاح في الإدارة
جدول توضيحي لمن هم أنسب للنجاح في الإدارة

خلص البحث الى أن المهندسون هم الأقل جاهزية للقيام بالمهام الإدارية تبعا لدراستهم الاكاديمية. اما خريجين الإدارة بطبيعة الحالة و نتيجة نوعية دراستهم فكانوا الأكثر ملائمة من اليوم الأول لتخرجهم. و كما تتوقعون هاج الكثيرين من المهندسين يستنقصون من النتيجة مستندين الى أن غالب المنظمات يقودها مهندسين فكيف يعقل ان تكون هذه الدراسة صحيحة. ذكرني قولهم بمن قال “نحن على سنة آبائنا و أجدادنا” و كفى. مسألة تولي المهندسين للإدارة و على نطاق واسع في ميدان العمل لا يعني أنهم عباقرة أو انهم افتراضا مؤهلين إداريا. انما قد يعني أمورا كثيرة. فقد يعني ان جهل بيئة العمل استند و افترض ان هذا المهندس هو عبقري زمانه و لذا من باب أولى هو اداري بالفطرة!. و قد يعني ان ذاك المدير المهندس قد يحتاجون لمهاراته الهندسية أكثر من الإدارية. لكن نعيد و نقول ليس كل مدير هو مدير ناجح فعلا فقط لان مسماه الوظيفي يقول ذلك.

الإدارة علم و فن

منطقيا يحتاج المهندس الى خبرة عملية أو دراسة عليا ليؤهله ليكون مدير الغد. و هنا نصل الى النقطة التي جعلتني اكتب تدوينتي هذه وهي المشكلات التي نواجهها في بيئة العمل اليوم. بين واقع ان المهندسين و دون تأهيل مناسب يعينون كمدراء و بين مشكلات بيئة العمل الناتجة عن سوء الخبرة و الدراية. مدراء دون خبرة في الإدارة يستخدمون ما بحيلتهم للنجاح في مهمتهم. لكن بما انه جاهل في الإدارة فسيغيب عنه ما يحتاجه لينجح بالطريقة الصحيحة دون ان يدمر العشرات في سبيل ذلك. سيغيب عنه إدارة المخاطر و فنون إدارة المشاريع و مهارات القيادة و التحفيز. إدارة التكاليف أمر مؤكد لم يسمع عنه. إدارة التغيير لأمر اكاد اجزم ان لم يسمع عنه أحد ابدا خارج محيط خريجي الإدارة.

المدير الجاهل

يستند المدير الجاهل إداريا في ادارته على السلطة التنظيمية الرسمية المخولة له. فليس له الا هي ليستخدمها و من هناك سيحبط الجميع من مرؤوسيه لأنه يتبع طريقة الكرباج في الإدارة. لا نلومه فبآخر اليوم هو يصنع ما بحيلته لكن ما بحيلته لا تكفي و “فاقد الشيء لا يعطيه”. و من هذا المنطلق نجد ان الدراسات العليا مثل الـ MBA امر الزامي خصوصا للإداريين التنفيذيين ليتمكنوا من تطوير نفسهم و فهم ما ينبغي عليه عمله ليكون قائد و ليس مدير.

بيئة العمل

في بيئات أعمالنا اليوم نعمل مع الكثيرين من الإداريين. سواء كانوا في المشتريات او المبيعات او الجودة او التسويق أو إدارة الموارد البشرية. لكن أكثر ما يثير حنقي هو اداري لا يفقه شيئا بالإدارة لكن مصر على ان كرباجه و رأيه هو ما يحتاجه فقط. في بيئات العمل الناجحة يعترف الجميع ان كل فرد لا بد ان لديه فجوات معرفية يكملها بالتعاون مع زملائه و زميلاته. فالفريق بكامل أعضائه بكملون بعض و يتشاركون ليحققوا الهدف المنشود. لكن في حالة وقوعنا مع شخص غير مؤهل و مصر على انه و لأنه مدير لا يحتاج مشورة أحد. او على أقل تقدير يتحرج ان يسأل مرؤوسيه. فحتما هذه مصيبة كبيرة. مصيبة ستشتت مجهودات الجميع و تجعلهم يفوتون تحقيق الهدف المنشود.

الحقيقة المرة

ان من أكبر المصائب هو وجود مهندس مثلا في وظيفة مدير إدارة الموارد البشرية. المصيبة تنبع من أساس ان هذا القسم يدير اكثر موارد المنظمة حساسية و تحتاج الكثير من الدراية و الفن. لكن بم ان مديرها مهندس فسننتظر منه كل بيروقراطية و اتباع خطوات و عمليات و سلسلة لا منتهية من الأوامر. مصيبة أخرى لا تغتفر ان اجد في منظمة مدير تسويق خبرته لا تتعدى 10 سنوات خارج التسويق و المبيعات لكنه يدير قسم التسويق في منظمته!. لا أجد جواب يفسر كيف لأي منظمة أن تستهين بعمليات تسويقها فتعين شخص غير مؤهل لإدارته و توليه. الا يعلمون ان أي منظمة بدون قسم تسويق فعال مصيرها السقوط؟. و ان كان يقرأ كلماتي هذه مهندس آخر لا شك سيظن ان التسويق مجرد إعلانات و انه يستطيع القيام بذلك!. التسويق للمعلومية ليست إعلانات وانما هي روح المنظمة و تحتاج الكثير و الكثير من المعرفية للنجاح فيها.

إذا أعجبك الموضوع, أسعدني بمشاركته

فيسبوك
لينكدين
تويتر
البريد الإلكتروني

استشاري إداري معتمد، متخصص في تطوير المبيعات و الأعمال، أكثر من 19 سنة خبرة في B2B القطاع الصناعي و القطاعات أخرى مختلفة، خبير في قيادة فرق المبيعات و تطوير عمليات البيع مما يؤمن نمو الأعمال، حاصل على شهادات متخصصة في التسويق و المبيعات و التدريب و التطوير، مؤلف و مدرب و مقدم بودكاست جنبيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Open chat
مرحبا👋
كيف ممكن أساعدك اليوم؟