فاضل الـ HR الأحمق

كما تعلمون أن في عالم الأدارة هناك أصول و أساسيات و مبادئ يجب الاذعان لها، و التغاضي عنها في أي وقت ولو لبرهة لن ينتج الا فشل ذريع في منظومة متكاملة و قد تسيء حتى الى سمعة كيان ككل، و بم أن ادارة الموارد البشرية هي أحد فروع عالم الادارة الرحب، فهي اذا ليست مستثناه من تلك الأصول و و البرتوكولات التي تحدثنا عنها، بل لتعلقها بعنصر حساس كالموارد البشرية فليس هناك شفيع عن تجاهل او التغاضي عن أي اساسيات فيها، اليوم سأسرد لكم قصتي مع “فاضل” وهو أحد مدراء الموارد البشرية و الأخطاء التي وقع فيها في عملية توظيف كنت انا محورها، والغرض هو كشف تلك الأخطاء و مشاركتها معكم في هذه التدوينة لنتجنبها معا في حياتنا العملية.

البداية

قدر الله ان اتصل علي “قبل أكثر من سنة” أحد المنظمات والتي مركزها في مدينة جدة، و لما عرفت عن تلك المنظمة من سمعة طيبة و بيئة عمل مستقر رحبت بذاك الأتصال، طبعا العامل الجغرافي و واقع ان مقر العمل بمدينة جدة مسقط رأسي كان له عامل جذب كبير بالنسبة لي، تواصلوا معي عارضين علي فرصة عمل في وظيفة ادارية ذات الدرجة المتوسطة تحتاج لشخص بخبرة 10 سنين، ثم حددوا موعد لعمل المقابلة الوظيفية، و لكون سكني في الجهة الأخرى من المملكة في مدينة الخبر كان علي عمل اجراءات السفر بنفسي متكبدا التكاليف كلها، استثمار في محله ان سألتموني و خصوصا اني كنت مهتما فعلا فيها، حين وصولي لمقر العمل مع سائقهم الذي استقبلني بالمطار، و من هنا تبدأ فعاليات القصة.

وصلت الي مكتبهم

وجدت الاشخاص اللذين المفترض أن اقابلهم منهمكين مع مديرهم التنفيذي في اجتماع، طبعا كان اجتماعهم في نفس وقت مقابلتي الوظيفية المخطط لها مسبقا، تركت على مقعد في أحد المكاتب الكئيبة انظر الى ساعتي لا ادري متى ستتم المقابلة و قد اعتراني القلق اذ ان رحلتي للعودة الى الخبر تم حجزها بنفس اليوم ايضا، و أي تأخير قد يعني بقائي في جدة و تكبد تكاليف نتيجة سوء التخطيط و الاحترافية.

لما طلبت الوصف الوظيفي

الحقيقة أني طلبت الوصف الوظيفي من مسؤول الموارد البشرية لكن طلبي تم رفضه، أعدت طلبي يوم تنسيق موعد المقابلة لاشخصية و تم الرفض مرة أخرى، و كنت الحقيقة في حيرة حيث لم أفهم لم عساهم يمتنعون عن مشاركة وصفهم الوظيفي، لكنهم أدوا لي أن المدير المباشر سيجيب عن كل التساؤلات وقت المقابلة، المعضلة هنا أني كنت أحتاج الوصف الةظيفي حتى أتجهز للمقابلة، و أتمكن من معرفة النقاط التي تهمهم فهلا و هذا طبيعة حال المقابلات الوظيفية،

قابلتهم أخيرا

حين انتهى الانتظار مر علي المدير المباشر اللذي “لو توظفت معهم” كان ليكون مديري و معه مدير الموارد البشرية “فاضل”، الحقيقة لا اتذكر ان تلك المقابلة تعدت أكثر من 5 دقائق حتى قاطعها المدير التنفيذي بوجهه “الكشر” ودخل علينا في المكتب الصغير ليصب عليهم سخطه بنظراته الفاغره و ابتسامته الصفراء ليناديهم مرة أخرى للمقابلة، على العموم و كما هو متعود في العالم العربي حيث لا احترام للمواعيد ولا احترام للمرشح شكروا حضوري على ان يتصلوا بي مرة أخرى ليبينوا المرحلة التالية!

مهاراتي ضد مهاراتهم

كشخص يعمل في المبيعات و مواجهه العملاء يوميا بنيت خلال السنين مهارة قراءة الناس و لغتهم الجسدية، و لقيامي بالعديد من المقابلات الوظيفي كمدير لأوظفهم في المنظمات التي كنت أعمل فيها كنت ايضا اكتسبت مهارة عمل المقابلات و اعلم محاورها و مداخلها و مخارجها، و حين كانت تلك المقابلة الوظيفية يحضرها المدير المباشر و مدير ادارة الموارد البشرية و أخصائية التوظيف، كنت اتوقع من مدير الـ HR مستوى متقدم لادارة دفة المقابلة، لكن هذا لم يحصل للأسف من طرفهم مما ثير خيبة أمل كبيرة.

المقابلة الأولى

على العموم حضرت ذاك الموعد على الموعد المحدد طبعا و قمنا بمقابلة شخصية وجها لوجه، بالمقابل كان ذاك المدير “فاضل” يحاور المقابلة و كأنه يقرأ من كتاب الموارد البشرية من الجامعة كلمة كلمة، بمهارات بدائية و لغة جسدية مكشوفة، كنت اقرأ ما يخفية و افهم ما يريد ان أقوله و اكشف محاولاته المزعومة لكشف حقيقتي التي يظن اني أخفيها، انتهت تلك المهزلة المعنونة بمقابلة شخصية بابتسامات و قرأت انه كان مندهش اذ ان الشخص اللذي امامه كان أكبر بمهاراته من المرشحين الآخرين اللذين مروا عليه، الجديد بالذكر ان اني عملت طوال حياتي في المنطقة الشرقية اكسبني ذلك مهارات احترافية تتفوق على مهارات بيئة العمل بالمنطقة الغربية.

الجولة الثانية Presentation

غابوا عني لفترة ليست ببعيدة حتى اتصلوا مرة أخرى ليعدوا مقابلة أخرى و كنت افترض انها أكثر احترافية، حيث بينوا ان المقابلة الأولى لم تتم بنجاح بسبب الاجتماع الطارئ اللذي كان يجري مع مديرهم الساخط، طلبوا مني هذه المرة أن اجهز لهم شرائح عن أي موضوع من إختياري لاستعرضها لهم في شكل Presentation، سألت عن خلفية الطلب و التي ليس لدي مشكلة فيها ابدا لكن الواقع الوظيفة ليست لخريج جديد و محدثكم يحمل خبرة 10 سنوات و الوظيفة ادارية و العرض ليست الا مهارة اساسية ادارية، و أختبارها مثل أختبار مهارتي في جدول الضرب، فأكدوا انها جزء من السباق الوظيفي حيث يريدون أن يتأكدوا أن مهاراتي في العرض كما يجب، ، على العموم أخذوني بعدها الى غرفة الاجتماعات لعمل العرض، و قمت به،

كانوا يقومون بحركات اختبارية سعيا لإختبار شخصيتي، اظنهم كانوا يصبون الى رؤيتي كيف اتصرف تحت الضغط، يغلقون المكيف تارة، و يطرحون اسئلة تلو الأخرى تارة أخرى، كان يحضر ذاك العرض مديرهم التنفيذي اياه و معه سبعة من زبانيته و المدير المباشر و “فاضل”، انتهى ذاك العرض و سرح المدير التنفيذي الجميع الا انا و فاضل و المدير المباشر، ردت فعلهم فاقت تصوري حيث انهم شكروني و صارحوا بأنني تفوقت على توقعاتهم بمراحل، في حديث جانبي صارحني فاضل بأنني تفوقت على المرشحين الآخرين بمراحل و الجميع معجب في كمرشح.

النتيجة

على العموم انتهت تلك المسابقة الوظيفية برسالة الكترونية من أخصائية التوظيف تخبرني بأن الأختيار لم يقع علي و انهم اتفقوا على أختيار شخص آخر بمهارات أكثر ملائمة فانتهت بذلك قصتي معهم، الحقيقة تفاجأت بالنتيجة حيث كانت كل العلامات ايجابية عن لسانهم كلهم، لكن بعد سنة من خسارة تلك الوظيفة أكتشفت أنهم وظفوا أحد أقارب قيادات المنظمة في ذاك الشاغر.

فاضل على الوتساب

لكن بعد فترة شائت الأقدار ان أقابل فاضل اياه في أحد مجموعات الوتساب، حيث ان نسيته طبعا لكنه تذكرني، و لؤكد لي انه يعرفني و امام الملئ ذكرني بنفسه واني كنت في مسابقة وظيفية مع شركته التي ذكر اسمها، و لم يتردد ان يشارك امام الملئ في المجموعة نتائج المقابلة و رؤيته و أني لم أوفق في الوظيفة، كان القروب خاص بالموارد البشرية و الاحراج هنا حماقة هذا الأحمق و كيف يسمح لنفسه ان يدلوا بما قال، بعا احتويت الموقف لأنهي المشهد الدرامي اللذي لم يمر علي مثله أبدا.

الخلاصة

ان قرأتم القصة الماضية ربما لاحظتم بعض الأخطاء التي يقع فيها حتى المحترفين، و أخطاء أخرى لا يقع فيها الا المبتدئين، الأخطاء بنظري كانت كالتالي:

  • المفترض ان يتواصل مع المرشح شخص ملائم لمستواه وليس أقل، أو على أقل تقدير ان يكون بخبرة مناسبة اتجنب أخطاء المفترض الا تحدث
  • حين طلب مرشح حتى لو كان خريج جديد لحضور مقابلة تحتاج سفر، من اللباقة اعداد اجراءات السفر للمرشح، عمل كهذا يعكس احترافية المنظمة، ما فعلوه هم هو طلب من مرشح بمستوى مدير ان يحضر مقابلة دون الاكتراث باجراءات سفره.
  • رفض مشاركة الوصف الوظيفي، ولا اعلم ما سر اخصائي التوظيف مع الوصف الوظيفي، فكيف عساني أحضر مقابلة وظيفية لا اعلم عنها الا اسمها، بم أن المقابلة الوظيفية فرصتي لتسويق نفسي بالدرجة الأولى فكيف لي أن اعرف ما هي المهارات التي سيحتاجونها لتسليط الضوء هيها؟ ، كيف لي أن اتيقن قبل قبول حضور المقابلة ان تلك الوظيفة ستناسبني اصلا.عدم الالتزام بالوقت، فكثير من أخصائي التوظيف و جهل منهم يتبعون سياسة توتير المرشح، و ربم الميل لجعله ينتظر ثم عمل اجراء المقابلة، اساسيات المقابلة لا تطلب هذا، و المدير الناجح و ان لاحظ توتر المرشح يتبع طريقا لتهدئته لا توتيره، فطبيعي ان يتوتر المرشح و ذاك لاهتمامه و رغبته في تلك الوظيفة، ولو كان غير مهتما لما توتر اصلا ولو قليلا، وهناك حد فاصل بين التوتر المقبول و الغير مقبول.
  • عدم التجهيز للمقابلة، يظن الكثير من المدراء ان بوسعهم المضي قدما باتباع طريقة الاسترسال في المقابلة، سر نجاح أي مقابلة وظيفية تكون بالتجهيز لها بدراسة سيرة المرشح، و تجهيز الاسئلة الملائمة التي تقارن بين المهارات المطلوبة للوظيفة و مهارات و كفاءات المرشح، و تحديد الفراغ بينهما ان وجد.
  • مشاركة نتائج مسبقة للمقابلة الوظيفية مباشرة يعتبر خطأ فادح، لأنه يضع للمرشح آمالا قد تتحطم بعد سماع الرد الرسمي بعد تداول الفريق قرار التوظيف من عدمه.
  • عدم مشاركة أي معلومات او نتائج مقابلة خارج مضمار العمل، فهذا لا يعكس الا عدم حترافية لا غير.

اعلم يا صديقي الباحث عن عمل ان التوظيف عملية مضنية، وعليك تحمل غباء الشخص الجالس بالطرف الآخر، و عليك أيضا التعامل مع جهل اللذي ينكر وجوده فيه أساسا، و عليك أن تكون صبورا ايضا، اما بالنسبة لاعزائنا العاملين في ميدان التوظيف و ادارة الموارد البشرية فعليكم بالاساسيات فلا تتناسوها ولا تتجاهلوها و خلال ذلك كله لا تنسى انسانيتك.

إذا أعجبك الموضوع, أسعدني بمشاركته

فيسبوك
لينكدين
تويتر
البريد الإلكتروني

استشاري إداري معتمد، متخصص في تطوير المبيعات و الأعمال، أكثر من 19 سنة خبرة في B2B القطاع الصناعي و القطاعات أخرى مختلفة، خبير في قيادة فرق المبيعات و تطوير عمليات البيع مما يؤمن نمو الأعمال، حاصل على شهادات متخصصة في التسويق و المبيعات و التدريب و التطوير، مؤلف و مدرب و مقدم بودكاست جنبيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Open chat
مرحبا👋
كيف ممكن أساعدك اليوم؟