كنت في نقاش ذات مرة مع أحدهم حول معنى الجودة، و انحنى بنا النقاش إلى أنه أن نحسن عملنا حتى حين لا يرانا أحد، و آخرين ادخلوا مصلحة العميل حيث قالوا أنه عبارة عن أن ننتج منتجات و لكأنها ستورد لنا شخصيا، كان حوارا جميلا فعلا، لكن انتهى بنا النقاش بادخال “الاخلاص” في موضوعنا، و هنا الحقيقة اقشعرت احاسيسي الادارية، ليس إلا لما الكلمة هذه من أهمية و تداخلها الكبير مع الولاء.
عدت الى معجم المعاني و نفضت الغبار عنه لارى المعنى الحقيقي للاخلاص، فوجدت المعجم يقول ان أخلص في العَمَل أي تَفانَى فِيهِ مِنْ عَادَاتِهِ أنْ يُخْلِصَ فِي كُلِّ عَمَلٍ يَقُومُ بِهِ، أما الولاء فأصحاب الاتجاه السلوكي فقد حاولوا توضيح وتعريف الولاء التنظيمي، ووصفه هؤلاء من المنظور الــسلوكــي بأنه” تمثيل الفرد لقيم وأهداف المنظمة الإدارية، وانصهار الفرد داخل بيئة عمله من خلال دوره الوظيفي والتنظيمي، ورغبته واستعداده للعمل والبقاء في بيئة عمله واستعداده لتقديم التنظيمات لصالح المنظمة”، وفي هذا الاتجاه حاول السلوكيون تعريف الولاء التنظيمي”بأنه الاتجاه أو التوجه نحو المنظمة”. وفي تعريف آخر بأنه”انجراف الأفراد أو تعلقهم الفعال بأهداف وقيم المنظمة بغض النظر عن القيمة المادية المتحققة من المنظمة”.
لو عدنا الى موضوعنا الأساسي وهو الجودة لنجد أن مفهوم إدارة الجودة تتداخل تداخلا عميقا مع الولاء المنظمي و الاخلاص في العمل، بل استطيع ان أقول إن الأخيرين أي الولاء المنظمي و الاخلاص في العمل من المحركات الأساسية لإدارة الجودة و مساهمات النجاح فيها، فمن هذا المنطلق إن كنا نهدف إلى تحسين الجودة فعلينا ترسيخ هذين المفهومين اولا و جعلها من أساسات ثقافة بيئة العمل فلا شيء يقتل المنظمات و يهلك جودة منتجاتها مثل تضارب المصالح و الفساد الإداري، و يجب استئصال أي عنصر يثبت يقينا أنه منغمس فيهما، أمثلة لتضارب المصالح أن نجد من يوظف أقربائه دون غيرهم متغاضين حقيقة عدم اهليته نهائيا للوظيفة المتاحة و مهامها، ناهيك عن التغاضي عن مؤهلات المرشحين الآخرين، أما الفساد الإداري فبخاطري أن أشير إلى المرتشين بعينهم، المرتشي هو من يوجه خدماته لمن يدفع له مادة أو يقدم له خدمه نظير تجاوزه النظام غالبا، فلنتفق على أقل تقدير أنه خدمة غير نظامية مقابل تحقيق مصلحة ذاتية، الفساد بوجوده يقدم المصالح الشخصية على مصالح الفريق، و تأتي على هيئات كثيرة و صور متعددة الحقيقة أن يتسنى لي سردها في تدوينتي هذه، لكن لنكتفي بم قلناه في هذه المفاهيم و المصطلحات.
الخلاص يا عزيزي و يا عزيزتي انا لن نستطيع الفصل أو التفريق بين الجودة و الولاء و الاخلاص فروحهم واحد، و لن نستطيع أن ننكر وجوب و أهمية صلب المرتشين في المنظمات لم لوجودهم دور خطير و مساهمتهم على المدى الطويل في القضاء على المنظمة و أهدافها.https://goo.gl/iFFhHW