كأنها بالأمس حين انطلقت لنكدان في عالم السوشيال ميديا أواخر ٢٠٠٣، حينها كانت موجة السوشيال ميديا على أوجهها في السعودية، مع أن مصطلح السوشيال ميديا لم يعرف بعد حينها بين الناسض، لكن مواقع السوشيال ميديا لم تكن كما نعرفها اليوم، في تلك الفترة كانت غرف الشات رائجة و بالتوازي كانت المنتديات هي صيحة الشبكة العنكبوتية، و أكاد أجزم أنه لم يعاصر أحد المنتديات الا وقرأ منها و كتب فيها، حتى شخصيا أذكر أني كنت أكتب في منتديات الساحة و منتديات جوال العرب، ولا أذكر أني شاركت بمنتدى آخر بشكل جاد و مستمر مثلهما، الفيسبوك كانت صيحة رائعة جذبتني و غالب جيلي، و كذلك نت لوق Netlog، لكن لم يطول بعدها الا و ضمر غالب ما ذكرناها و ظهرت تويتر اللذي لك استسيغها الا في بدايات ٢٠٠٥ أو ٢٠٠٦، لكن موقع واحد تميز دون غيره و فعلا جذبني وهو موقع لنكدان، ما كان يجعله مميز عندي حينها و الى يومنا هذا هو ما خلق من مجتمع احترافي افتراضي، تلك الافتراضية سمحت لي بالوصول إلى أشخاص ربما مستحيل أن أصل لهم بنفس السهولة في الحياة الحقيقية، أمر آخر أيضا هو أنه سمح لي بأن أضيف شخص بمجرد اني قابلته في اجتماع ما أو في العمل، بهذا ساعدني لإبقاء علاقاتي الكثيرة حية و نشطة ولو نوعا ما، أما لولاه في حياة الواقع علاقتي ستفتر أو تكون بمجرد رحيلي عن منظمة كنت أعمل بها أو انتهاء علاقة العمل التي جمعتني بهم، كنت كثيرا أصل لأهل الخبرة و أسألهم و استشيرهم، كنت أيضا أقدر أن أصل للمؤلفين و المدربين لأستشيرهم، لكن دارت السنين و أكتشفت أن لنكدان تطورت لبوابة توظيف، فباتت توضع فيها الكثير من الاعلانات لوظائف نستطيع أن تقدم على أحدها ما شئنا، أستطيع أن أقول عن تجربتي أن لنكدان فاشلة في الاعلانات، و فاشلة في التوفيق بين صاحب العمل و المرشح، مع أنهم يوفرون ادوات فلترة جدا متقدمة لأصحاب العمل، لكن قلما يصلني رد من صاحب العمل قدمت على وظيفة من خلال لنكدان، حيث احتمالية أن يصلني رد كان يصل إلى ١ رد من أصل ١٠٠ تقديم!، وليتني أعرف لماذا مع أني لا أقدم على وظيفة الا و أنا ملائم بنسبة لا تقل عن ٩٠٪، على العموم حصلت عن طريق لنكدان على ٥ أو ٦ مقابلات هاتفية أولية، و ربما ٢٥ مقابلة وظيفية، و وظيفة واحدة، و ذلك على مدى الخمسة عشرة سنة الماضية.
واقع الحال أني لم أنشط في نشر المحتوى في لنكدان الا في ٢٠١٥ حينما نشطت في مدونتي و انطلاق البودكاست، حيث بدأت بنشر المحتوى اللذي أنشئه، فقط حينها تحولت من شخص يتلقى المعلومة فقط إلى شخص يشارك بنشر المحتوى من مفهوم علم ينتفع به لا أكثر ولا أقل، و مع مرور السنين زاد عدد المستخدمين حيث بات عدد المستخدمين اللذين يمكنني التواصل معهم مهول، بمقارنة الخمسين مستخدم فقط من السعودية في البدايات، أيضا زاد احتمال أن أجد شخص ما أبحث عنه في محرك بحث لنكدان، لكن كما هو الحال و كان تنص النظرية أن ٢٠٪ من الأسباب تخلق لك ٨٠٪ من النتائج، من هذه النظرية أن ٨٠٪ من المستخدمين كانو يخلقون محتوى سيئ، بينما فقط ٢٠٪ فقط يخلقون ٨٠٪ من المحتوى الجيد، النسب نوعا ما معقولة بتوفر محتوى جيد أكثر من المحتوى السيئ، لكن الإشكالية بأن عدد المستخدمين المصنفين جيدين اكنو أقل بكثير بالمستخدمين السيئين، الجيدين هم اللذين نريد أن نتعرف عليهم، فبات لنكدان يعج بم أسميهم “همج الانترنت”، همج الانترنت اللذي يظن أن شبكة الانترنت هي بيته الخاص، يقول ما يريد و يكتب ما يريد، يفعل كل هذا بأي وقت و في أي وقت، هم نفس الهمج اللذين نراهم في الحياة العادية، اللذي تخاف ما سيتقيأه من كلام في المكان الغير مناسب و الوقت الغير مناسب، هؤلاء الهمج يتنقلون أيضا في العالم الافتراضي، و برأيي فعلا خربوا عالم الانترنت و عالم السوشيال ميديا و عالم لنكدان، تتصفح اللنكدان لتجده يفيض بالجدالات و الشتائم و العنصرية و الحروب الإلكترونية و التعصب السياسي و الرياضي، و حتما سينقضون عليك اذا ما فكرت حتى في مقاومة انتهاك السكينة على السوشيال ميديا.
ما يخفى على الكثيرين أن العالم الافتراضي لم يعد عالم مستقل عن الواقع كما بالسابق، أن ما نكتبه في شبكة احترافية المفترض أن يعكس من نحن في حياة العمل، و أن كل تواصلنا مع الآخرين سيؤثر علينا بشكل مباشر أو غير مبا مباشر، لكن أظن كثيرين يعلمون ذلك لكن بكل بساطة لا يهتمون.