كان يا ماكان في زمن الأسطورة: أن الحقيقة والكذب التقيا في أحد الأيام المشمسة وتمشيا معاَ وأقنع الكذب الحقيقة بالسباحة في مياه بئر، أُغريت الحقيقة بالمياه الدافئة للبئروسبحا معاً، إستغل الكذب استمتاع الحقيقة بالسباحة وخرج مرتدياً لباس الحقيقة بينما أطلت الحقيقة عارية خجلة فعادت واختبأت في البئر لأنها إن ظهرت ستعد خطيئة.ومنذ ذلك الزمن لايستطيع الناس قبول الحقيقة الا بالشكل الذي يرضيهم.
ماذا تعني الحقيقة فلسفياً؟
إذا كان منتجك التسويقي غير قابل للتحسين فلا تقنع الزبون بالجودة لأنك / أصلاً/ غير مقتنع بذلك.
قل الحقيقة لنفسك / لاتخف/ وستنتقل بالعدوى لعميلك.
يتم تحديد الحقيقة أو الكذب من حيث المبدأ بشكل كامل عن طريق ارتباطه بـ (الأشياء المادية) بمعنى هل يصف تلك الأشياء بدقة، الحقيقة مفهوم تم تداوله منذ عصور قديمة وهذا مانظر اليه فلاسفة اليونان .
هل تقترب الحقيقة من التسويق؟
مهما حاولت إظهار منتجك بالشكل المثالي فسيأتي غيرك ليعرضه بالشكل الأمثل.
هل هي معركة؟ نعم إنها معركة دون استخدام الأسلحة التقليدية تقودناالى عالم “غوريلا ماركتنيغ “
من هي الغوريلا ماركيتنغGuerrilla Marketing؟
إذا كنا لانريد ترجمة حرفية فإن المصطلح /عربياً/ يعني ” حمى التسويق” لكن مصطلح غوريلا التسويق ظهرت عنواناُ لكتاب ألَفه جي كونراد ليفينسون وصدر في عام1984 حيث وظف الكاتب دراسته في علم النفس للعمل في وكالات التسويق، وكلًا منهما” الحمى والغوريلا” يوحي بوجود حرارة عالية في الأسواق نتيجة تنافس الخطط التسويقية للاستحواذ على عقل وعواطف وجيب المستهلك
يفسرالبعض : أن الكاتب استفاد في رسم استراتيجية التسويق من حرب العصابات التي تعد من أخطر الحروب لأنها تعتمد على عنصر المفاجأة وزرع الكمائن التي توقع المنافس أو ” العدو” في الشراك وتلقنه درساً لاينساه.
حاذر من الوقوع بالكمين
إعتبر ” ليفينسون” أن حرب عصابات التسويق قادرة على اتخاذ نفس التكتنيك الذي تستخدمه العصابات مع إختلاف الأهداف والوسائل ليس هناك سلاح ناري لكن هناك إبداع في التفكير بالسلاح التسويقي هل هو إعلان؟ هل هو محتوى؟ هل هو فيديو؟ أم فيلم سينما؟ام برنامج اطفال؟
من منا لايذكر باباي آكل السبانخ ؟ من منا لايعرف جرانديزر؟
فيلم قراصنة السيلكون يعرض منافسة بين قطبي عالم التكنولوجيا،« آبل» و«مايكروسوفت» كيف تستطيع أن تبقى في السوق لمدة اطول؟ وماهي الأفكار التي يمكن إبداعها لتنافس في السوق وأسئلة اخرى ستجد الاجابة عنها في الفيلم
إذاً: هناك غوريلا وهناك قراصنة !
حقاَ إن السوق يجمع قراصنة وتتحكم به غوريلا وكيف يمكن أن تكون هناك حقيقة ونحن من قلنا بان الأسطورة القابعة في أذهان الناس منذ آلاف السنين: ” الحقيقة مازالت مختبئة في البئر”أين يمكن أن تكون في مجتمع القراصنة ؟
في السينما ..فيلم يتحدى الحقيقة
ربما يسأل قارئ ماعلاقة السينما الآن علماً أنه يعرف أن السينما ذاكرة حية باقية و” تترك انطباعاًلاينسى” وهذا أحد أهم خطط الغوريلا ماركيتنغ وفي هذا الفيلم يكون التحدي، فكيف يكون التسويق أخلاقياً وهو يدعو للاقبال على منتج الدخان وهوضار بالانسان مسبباً له الأمراض؟ كيف يبدو عالم التسويق لك وانت تشاهد فيلماً يتحدى الحقيقة؟ كيف يسمح بتسويق فيلم ينافي الحقيقة؟ إنه عالم التحدي
فيلم: “شكراً على التدخين” الذي لاقى تقييماً مرتفعاً بلغت تكلفته في عام 2005 عشرة مليون دولارو كان ناطقاَ باسم لوبي التبغ في أمريكا في مواجهة سيناتور معارض للتبغ ونجح الفيلم وحصد أكثر من 39مليون دولار.فهل يمكن ان نسمي ذلك حقيقة؟
في متجر الهواتف والالكترونيات. الحقيقة الذكية
وقع جوال سلطان من يده على الرصيف وهو يغلق باب سيارته ويجري مكالمةً هامة ، التقط الجوال عن الأرض محاولاً متابعة المكالمة الا أنه صمت عن كل حركة/ ولأن سلطان ممتلئ مالياَ/ رماه في أقرب سلة دون ان يفكر في إصلاحه متوجهاً الى أقرب متجر الكترونيات طالباَ أحدث جهاز وضع البائع عدد من الأجهزة امام سلطان راغباً في أن يختار النوع والموديل الذي يريده الزبون، لكنه تأفف قائلاً : قلت لك أريد أحدث جهاز. ناوله البائع أحدث جوال ، دفع ثمنه وغادر . في اليوم التالي وعلى غير عادة سلطان عاد للمتجر قائلاً له: لقد خدعتني في بيع هذا الجوال على أنه أحدث جهاز! بينما رأيت صديقاَ يحمل أحدث منه!
فهم البائع نفسية الزبون المتعجرف قائلاَ له : أنت لم تطلب أحدث جهاز في العالم ، لقد قلت لي أريد أحدث جهاز عندك وهذا هو طلبك إنه أحدث جهاز لدي في المتجر. وتابع: تفضل بالجلوس خلال خمس دقائق سيكون ماتريد جاهزاً وبامكانك إهداء جوالك لأحد الأعزاء على قلبك لأنه يحتوي على ميزات: ” معالج. ذاكرة . كاميرا….” وخلال خمس دقائق كان في المتجر احدث جهاز في العالم لاكثر الشخصيات غنى ورفاهية، واستطاع المتجر بيع جوالين برضا الطرفين و دون كذب لكن بذكاء
في مباراة كرة القدم ،الحقيقة تنصب الكمين.
تُدفع مليارات الدولارات في المباريات الأكثر شعبية في العالم – كرة القدم – وتنهال عشرات الإعلانات لتعرض عند أقدام اللاعبين وركلات أقدامهم وهي تتقاذف الكرة وتختطف العيون ذلك الكم من مشاهد الماركات دون إهتمام لكن كاميرا العين تحتفظ بصورة الاعلان فيما بعد. المهم : إن الشركة التي بدأت بانتاج مشروب الطاقة المخفف حديثاً إقتنصت الفرصة وأيقنت أنها سوف تكون ذهبية .
وظف مدير الشركة بائعين لتوزيع المشروب عند إحدى النقاط التي لابد ان تمر بها جموع الناس التي تريد حضور المباراة وبدأت بالتوزيع مجاناً واستطاعت نشر منتجها لآلاف المتفرجين الذين سيرغبون في شراء المنتج في كل مرة يحضرون بها مباراة رياضية او في مناسبات أخرى.
الحقيقة مغلفة بالشكولاته
إذا كنت قد أنهيت مقالي هذاالذي أردت أن أعرفك من خلاله على وجود الحقيقة في عالم التسويق فإني اكون قد خرجت بعدد من النتائج التي تؤكد: ان الحقيقة نسبية في كل مجال ولايوجد حقيقة مطلقة ، إن تغليف المنتج بوسائل الاعلان المشوقة والمرغوبة ماهي الاترغيب المستهلك او العميل بالمنتج وإن قيام الدراسات النفسية والسكولوجية وتحديد المكان والزمان ودراسة السوق والشركات المنافسة ليست هدراَ للاموال إنما لابد ان تميز عزيزي المستهلك بين ماهو حقيقي وماهو وهمي؟ ولابد لك ان تبتعد عن المنتج الذي ظننته حقيقاً لكنك بعد الاختبار افتقدت الى ذلك!
الشركات الناجحة تبحث عن الاستمرارية والمحافظة على السمعة التجارية لها لذا ليس من مصلحتها على الاطلاق ان تغامر بالكذب لابد من إستخدام الحقيقة المغلفة بالشوكولا لأنها ممتعة ولذيذة ومحبوبة.
المصادر
الغوريلا ماركتنق
تمت زيارة الموقع في 7/6/ 2021