مع حلول غيمة كورونا على السوق السعودي، جبرت المنظمات على تغيير نهجها و عملها و عاداتها، و نأمل أن يكون هذا التغيير للأفضل، الا أن بعض المنظمات مازالت مصرة على البقاء في النطاق المشوة، و لم يشفع سنين الارباح و الدعم الحكومي اللذي تمتعت به لسنوات، فسارعت بعمليات الفصل من اليوم الأول، طبعا سيقفز شخص “أهبل” و يقول أن المنظمات ليست جهات خيرية بل ربحية، و أرد عليه أني أفهم هذا لكن لا أجد منطقي أن يتم فصل أي موظف بسبب كورونا من الاسبوع الأول!
لما يغيب المنطق بين الناس، نجد أن الخطأ صار مقبولا، و المجنون صار عاقلا، و المُنتج بأحيانا كثيرة بات عاطلا.
بنظام “#نطاقات” اللذي ظهر من خلفه التوطين الوهمي، و انخفضت العروض الوظيفية و تضخمت التوقعات على ظهر المواطن بدون مقابل مؤخرا، هو النظام اللذي لو لم يطبقه أساسا لكان الحال أفضل مقارنة بحالنا اليوم بعد تطبيقه، و هذه ليست المرة الأولى التي أتكلم عن التوطين و عن نتائج السعودة القسرية بالنظام حيث نوهت عن نتائج سلبية تنتج اذا طبقنا برامج التوطين دون دراسة صحيحة و ميف صار التوطين نقمة و ليست نعمة.
بات تطبيق “#نطاقات_موزون” أمرا ملحا، هو كان أول برامج الرؤية ٢٠٣٠ من #وزارة_العمل، و تم ايقافه بآخر لحظة في ديسمبر ، البرنامج اللذي لا يلتفت فقط لعدد السعوديين في الكيان، بل يلتفت أيضا الى مرتباتهم و مناصبهم و استقرارهم، يشجع أيضا توظيف الكادر النسائي المغلوب على أمره في وظائف الكاشيرات و محلات التسوق.
و بذلك لحق ملف نطاقات موزون بملف سعودة سوق الذهب و سعودة سوق الخضار و سعودة أقسام الموارد البشرية و الخ، التي لا أعرف شخصيا مصيرها اليوم، الملفات التي لا اراها الا تداعب الحل لكن لا تحل المشكلة أبدا، و تذكرني كثيرا بمستوى واقعية مخرجات #طاقات، برنامج آخر خارج عن الاعراب ولا أريد الخوض فيه اليوم.
في السابق:
السعودة قليلة ، لكن العروض أفضل ، توفر التدريب و التطوير، التوقعات معقولة، الوصوف الوظيفية واقعية، الأمان الوظيفي موجود
الآن:
السعودة على قدم و ساق، لكن العروض متدنية، الوصوف الوظيفة متخمة، التوقعات مرتفعه، التدريب و التطوير معدوم، الأمان الوظيفي من نسج الخيال
كنت أفكر بعمق اليومين الماضية في مقارنتي اعلاه بين السابق و الحاضر، و محاولة معرفة ما التغيرات التي جرت من ٢٠١٣ الى الآن و اللذي أخل بالعرض و الطلب في السوق و جعلنا فيما نحن عليه اليوم، و وجدت أن مع افتراض ان كل العوامل المؤثرة الأخرى ثابته فان نظام نطاقات هو المتهم الأول، هو النظام ذاته اللذي تم اطلاقه في ٢٠١٤ من قبل وزير العمل السابق عادل فقيه، هذا النظام التعيس هو النظام اللذي يشجع على توظيف أي سعودي و ليس السعودي، يشجع على العدد و الكم و ليس النوع، و ببساطة يساوي بين توظيف موظف استقبال و مدير منطقة، بين ن يقبض ١٠٠٠ ريال من يقبض ١٠٠٠٠، هو النظام اللذي شجع على السعودة الوهمية بطريقة غير مباشرة و نتج عن ذلك زيادة العاملين الوافدين و زيادة الحوالات للخارج، هو النظام اللذي سحق قيمة الموظف السعودي المميز و المنتج، و محق أي تحفيز للموظف في القطاع الخاص، و أي تحفيز للقطاع الخاص باحتضان المواطن.
و لما اكتشفوا أصحاب القرار خلل هذا النظام البائس وضع وزير العمل السابق مفرج الحقباني نظام نطاقات موزون، اللذي كل على بعد ايام من اطلاقه لكن تم ايقافه في آخر لحظة بطلب من المستثمرين و رجال الأعمال و بدون وضع أي حل بديل و الى أجل غير مسمى، اذا كنت تريد معرفة المزيد عن ايقاف نظام نطاقات موزون، فاعمل بحث بسيط بالانترنت لتجد معلومات ايجابيات النظام و كيف ان يحتاجه السوق بجانب خبر ايقافه معبرة عن حال ميدان العمل المتضارب و المتعاكس.
أرجوكم لا تفهموني خطأ، فأنا لا أؤمن أن مشكلتنا الأجانب مع أني لا أحب هذا الاسم كما يسميهم البعض، فالاخوان و الأخوات اللذين تغربوا عن بلدهم و يعملون ببلادنا إسمهم نظاميا وافدين وفدوا الى البلد طلبا من صاحب العمل للقيام بمهمة ما و يساهمون بجهدهم في بناء وطننا الحبيب.
مشكلتنا كلها تكمن في أنظمة التوطين التي تشجع على التوطين الكمي وليس النوعي، حيث ان برامج التوطين شجعت على أن يوظفوا اكبر عدد من السعوديين، دون الالتفات الى مناصبهم، برامج التطوير، مرتباتهم، فترات بقائهم بالمنظمة، أو حتى درجة سعادتهم في العمل، في وطن 50% منه في العشرينات من العمر، ينبغي أن نعيد تقييم برامج التوطين، و الثقة كلها في وزارة الموارد البشرية بأن تأخذ الخطوة الأولى للتصحيح.
شاركنا رأيك؟ كيف ترى الوضع بالامس و اليوم في سوق العمل السعودي؟