البداية
انضممت لأحد المنظمات و التي يمتد عمرها فوق 50 سنة تعمل بالسعودية، لكن ما لاحظته من اليوم الأول ان المنظمة تفتقد للمزيج التسويقي الصحيح، ففعليا كل ما كانو يفعلونه لإدارة عملياتهم هو الجلوس في المكاتب و انتظار العلامة التجاري للمنظمة و سمعتها لتولد لهم طلب تسعيرات، و النتيجة أنهم فعليا كانو يفقدون حصة من السوق كل يوم، و انكمشت اعمالهم حتى بات صعب عليهم الأستمرار و صاروا مضطرين أن ينكمشوا أيضا تنظيميا كمحاولة تعيسة لانقاذ ما يمكن انقاذه من وجود المنظمة في ساحة العمل.
وضع فريق المبيعات
ان فريق المبيعات في حالة مأساوية حقيقية، حيث أن 90% من الفريق كان يعمل بكل أمان و راحة بال في تلك المنظمة لمدة لا تقل عن 15 سنة، و هذا مما ولد حس بالأمان زائف أن مهما كان ادائهم فلن يتعدى أبدا القليل من الصراخ هنا أو هناك، لكن الاشكالية الكبرى أن حسهم بالأمان بات يؤثر في طريقة عملهم و قيمهم كممثلي مبيعات فكان جلهم يعملون أعمال جانبيه هنا او هناك لتأمين مداخيل أثناء ساعات العمل مع صاحب العمل الرئيسي، مشكلة أخرى أن العملاء كانوا غالبهم يشتكون من ضعف تواصل و متابعة فرق المبيعات، عميل من التحلية قابلته فاستقبلني بوابل من اللوم مشيرا لأحد الموظفين أن لا يريد العامل معه نهائيا لأنه لا يرد على هاتفه، عميل آخر أحد منتجي المواد البتروكيماوية بالجبيل يتصل علي فيشتكي من ممثل المبيعات أنه كل ما اتصل على الموظف لا يرد أيضا، و لما رد بعد 4 ايام من المتابعة من طرف العميل رد الموظف ليخبره أنه شخص مشغول فكيف يرد عليه!، للمعلومية أن هذا العميل من كبار الشركات في الجبيل، من النوع اللذي لا تحب أن تثير غضبه أبدا، كان فريق المبيعات يفتقد لأدنى مهارات المبيعات من تفاوض و التفكير الابتكاري و تنظيم الوقت، ربما كان السبب أن المنظمة لم تستثمر فيهم دورة تدريبية واحدة منذ تأسيس المنظمة، وهذه رسالة لأصحاب العمل أن ينتبهوا في ذلك لأن يوما ستستيقظ لتجد أن فريق العمل بات مشكلة بدل أن يكون حل.
العميل الجديد
خرجت مع احد موظفيني لأحضر معه لقاء مع أحد العملاء الكبار الصناعيين في مدينة الخبر و الشرقية، هذا العميل يشتري من منتجنا ما يساوي 10 مليون ريال ل سنة بسبب طبيعة عمله، و الحقيقة أني ظللت أركض خلف موظفي لـ3 أسابيع ليقيم ذاك الاجتماع حيث اني لم أجد اسم العميل في أي من قواعد البيانات لمبيعات السنوات الـ8 الماضية، مما أدهشني فعلا و عن سبب احجام المنظمة عن طرق بابهم على الأقل أو توريد سندوتش فلافل على اقل تقدير، على العموم خرجنا للقاء العميل على موعدنا، دخلت على العميل و كان قصته عجيبه بالنسبة لي، سالت العميل كيف هي عملياته و كيف ممكن أن أكون جزء من نجاحه، قال لي انهم يعملون مع أحد منافسينا منذ12 سنة بشكل متفرد، و أنه لم يسمع فينا كشركة أبدا، أخبرته طبعا اننا في المملكة أكثر من 50 سنة و أننا فعليا نبعد عنه بضع دقائق، سألت العميل لم يريد تغيير المنافس، رغبة مني في فهم المشكلة و كيف ممكن أن أسوق نفسي كحل لتلك المشكلة، أخبرني ان المنافس انخفضت جودته و هزلت دعمه ما بعد البيع، و مد يده بالدرج يسحب كومة من بطائق العمل التعريفية حيث أشار أنهم يجرون بحث عن مورد جديد يستبدل المورد الأول، و أن بعض الشركات مرت عليهم فعليا و حتى يأخذنا بالحسبان يجب أن نكون منافسين سعريا، والا لن ينظر لنا.
مهارة المبيعات إن آكشن
لمحت بيده لوقو “لعامة تجارية” لأحد المنافسين، و الحقيقة أن معرفة أن تلك الشركة التعيسة كان كابوس لي، حيث أنها معروف هنها أنها تنتهج سياسة التسعير العنيف، أي أنهم يميلون لحرق السعر من اجل كسب حصة من السوق، و يفعلون هذا منذ فترة طويلة، و واقع أن عروضهم السعرية تنخفض عن سعر تكلفتي بسبب أنهم يستوردون منتجهم من الخرج و بأسعار زهيدة جدا، و هذا يعني أني لن أستطيع مجاراته ان كنا نتكلم عن السعر فقط، فحككت رأسي و سألت العميل، ألم تحاول أن تصلح علاقتك مع المورد الأساسي؟، فهو شركة كبرى ولها أسم بالسوق، و مؤكد أن علاقة عمل 12 نة ستبرر محاولة الطرفين لإيجاد حل، استغرب العميل و موظفي الجالس بجني و قال حاولنا كثيرا لسنتين أن نعدل الحال لكن فشلنا في ذلك، فأردفت و قلت له أن ان كنت تريدني ناصحا ففي مجالنا هناك شركات معدودة يمكنك الاعتماد عليها، و حيث انك تعمل كمقاول مع شركة أرامكو السعودية فحتما آخر ما تريده هو التسبب في أي تأخيرات أو اشكالات لتلك المشاريع الحساسة، بقي العميل يستمع لي بتركيز، فسميت له أكبر ثلاث شركات في السوق و طبعا نحن مهم و طبعا جدا لم أذكر الشركة المنافسة التي اخاف منها، و أكدت له أن ما يميز هذه الشركات الجودة و الالتزام و الاستقرار شكك العميل و قال ان المنتج بسيط نوعيا أرى أن الموردين كلهم في الجودة بمستوى واحد، أكدت له من وقائع أن الموردين متعارف انهم يطففون في المنتج أو يخلطونه بمنتجات أخرى أرخص، و هذا يعني احتياج طلب أكبر من طرفك و صرف أكبر، اندهش نوعا ما، و انتهى لقائنا بدعوتي اياه بزيارتنا و مقابلة الفريق للتعرف علينا بغض النظر عما يتطور النقاش عليه.
الزيارة
خرجت من العميل و ما هي الا دقائق و الا و اتصل علي العميل طالبا وعد زيارة المصنع من قبل لجنة لتقييمنا، و فعلا زارنا الاسبوع التالي اثنين من الشباب، واللذي اسعدني حين لقائهم أنهم مواطنين سعوديين و ليس هناك من شيء بالدنيا يسعدني مثل رؤية أبناء بلدي و هم بالخطوط الأمامية، خلاصة الزيارة أنهم أعجبوا بجودتنا و المعايير التي نعمل بها و أتممنا الصفقة معهم
الشاهد
ركز في عملياتك البيعية على ايجاد حل لمشكلة للعميل، فأنت تبيع قيمة و ليس منتج، و كن سريع بديهة و أخلاقي، كن استشاري لعميلك فسيعود ذلك بعلاقة رائعة مع عملائك و لسنوات قادمة
One Response
تسلم اناملك