يستحيل أن تسعى أي شركة أو أي مشروع صغير للفشل وجميعها تبدأ وتضع قدمها على سلم النجاح لكن كثير منها يسقط عند أول درجة، الا أن ذلك ليس نهاية الطريق والتعثر يتلوه الوقوف في معظم الأوقات، والتسويق بات علماَ كباقي العلوم لكن مازال الكثير يستهين به معتقداَ ان الطرق القديمة في عرض البضاعة علىواجهة المحلات كافية لجذب العملاء، لذا يقع في مطب الفشل.
وعدتك في المقال السابق أن نسرد معاً أحداث قصة تسويقية حدثت معك ومعي دون أن ننتبه أنها كانت تسويقية.
لنبدأ:
بتاريخ 15/5/لعام 2010كنت أول القادمين الى مكتب العمل تاركة الباب خلفي مفتوحاَ بانتظار باقي الزملاء وما إن جلست على الكرسي حتى سمعت صوت وقع أقدام نسائية اعتقدت أنها زميلتي، لكن الخطى كانت لأكثر من امرأة واحدة وبثوان معدودة وصلت فتاتان تحملان أكياساً قماشية، توجست خوفاً لهاتين الغريبتين اللتين دخلتا دون طرق على الباب، ومازال الشك يساورني بهما.
من هنا بدأت سقوط أول ورقة ثقة بين المسوّق والعميل الناتجة عن طريقة الدخول .. نتابع:
ألقيتا التحية ودون أن تعرفا على نفسيهما أخرجتا مابداخل الأكياس وبدأن باستعراض مايحملنه من بضائع قائلين: هذا مزيل للبقع انه يزيل البقع عن السجاد والموكيت…. هذا مزيل للروائح.. وذاك يطرد الحشرات .. وهذا .. وذاك…. لابد أن تشتري مني وبأسلوب مخادع قالت احداهن للأخرى: لا….لابد أن تشتري مني.
حسمت الأمر بايقافهما عن الاقتتال داخل مكتب عمل وأنا آمل أن يدخل أياً كان ويخلصني منهما، لكن عبثاً لم يحصل ذلك.
رفضت شراء أي شئ أولاً لكن تحت ضغط الإلحاح اشتريت عبوة لازالة البقع وطلبت منهما على الفور الخروج وعدم العودة بينما تصران على البقاء بانتظار الموظفين الآخرين لبيعهم أكبر كمية من المنتجات، لكن غضبي وطردي لهما /بطريقة صريحة / جعلهما تخرجان…أغلقت الباب فوراَ وأقسمت على عدم ترك الباب مفتوحاً أمام مندوبي المبيعات.
“لماذا” ؟
هل لديكم تصور عن السبب الذي دفع مندوبتي المبيعات بالقيام بهذا الأسلوب؟ وهل كان الهدف واضح أمامهما؟
هناك عدة توقعات تفرض نفسها وتؤكد: أن ليس هناك أي خطة تسويقية بين إدارة الشركة وبين المسوقين لشرح آلية العمل وغرس روح الفريق الذي يلتف على هدف واحد ورغبة مشتركة تسودها الروح الايجابية بين كافة العناصر المسؤولة عن تسويق المنتج بدءاً من الإدارة وانتهاءاً بالمسوق وليس هناك دافع حقيقي موجه الإ لبيع المنتج وتحقيق الربح.
وماذا كانت النتيجة؟
أوراق ثقة العميل بالمسوق والشركة والمنتج انهارت خلال عشر دقائق بسبب الطريقة التي تم فيها تقديم المنتج، لذلك اتجه خبراء الاقتصاد في علم التسويق الى وضع مرتكزات /خوارزمية/ لابد منها لإنجاح عملية التسويق كان أبرزهم -سيمون سينك- الذي افترض وجود دائرة ذهبية مركزها”لماذا”؟ ومحاورها: كيف؟ وماذا؟ وعند الاجابة عليها سوف تكون النتائج مذهلة.
لماذا بقيت القصة التسويقية في الذاكرة؟
لماذا لم تنجح خطة مندوبات التسويق في المكتب؟
لم تستخدما أي شكل من أشكال الاجابة على سؤال لماذا؟ /حتى لم تذكرا اسم الشركة/ والأهم من ذلك، لم تعرفا مامنفعة الدخول الى مكتب، والتحدث الى موظفين غير قادرين على النقاش بشأن أي منتج في غمرة عملهم الوظيفي، وبالتالي لم تعرفا مدى حاجة ومنفعة العملاء الى هذا المنتج في ذلك الزمان والمكان /بالضبط / وبدأن برسالة: خذ هذا المنتج فوراَ دون نقاش فهو جيد وفعال، ولم تبدأن برسالة مثلاَ: نحن في عرضنا لهذه البضاعة نحمي بيئة منزلكم من أخطار الرائحة الكريهة في المنزل ونحرص على عدم ضرر اطفالكم ، أو : نحن نتحدى التلوث لأن منتجنا لاينشر رائحة مزعجة…… ان كنت ترغب لاتشتري اكثر من عبوة .. كلنا ثقة باسخدامك الصحيح لها وعلى ثقة أنك ستخبر جيرانك بها وستعود الينا قريباَ.
علمياَ، القصة بقيت في الذاكرة: لأن قشرة المخ الجبهي تمسح ” ك سكنر” المحيط حولنا كل خمس ثوان، وتقيس النتائج، تقيس اذا كان الآخرون يشكلون تهديداَ لنا، تقيس لغة جسدهم والنظرة على وجوههم، ثم تحدد شيئاَ واحداَ… هل يمكنني الوثوق بهذا الشخص؟” -هذا ماذكره سيمون سينك في كتابه الانجازات العظيمة- لقد بقيت القصة لأنها حددت الشئ الأخير في لقائهم: هل يمكنني الوثوق بهم؟
المحور الثاني هو “ماذا؟”
ماذا تقدم الشركة من خدمات؟لابد من وصف نوعية المنتج دون المغالاة في وصف ذلك ودون التقليل من قيمة المنتج، ومنحه القيمة الحقيقة بالنسبة له كمنتج وبالنسبة لقيمته للعميل .
المحور الثالث في دائرة سينك الذهبية هي سؤال كيف؟
وهنا محور المقالة اليوم وهي : الكيفية التي تسوق بها لمنتجك هل هو اعلان ؟ هل تسويق الكتروني؟ هل نشرات مكتوبة؟ تلك هي الخطوة التي تضع الشركة ومنتجها على المحك فهي اما أن تنجح او لا ، وتلك كانت ورقة الثقة الأولى التي تم الحديث عنها في البداية والتي بفقدانها تكرت الدراج نحو نجاح التسويق ومن خلالها سيتم تحقيق الهدف؟ هل ستكسب ثقة العملاء؟ هل ستخلق جاذبية التسويق وتجعلهم يقبلون على شراء منتجك بكامل رغبتهم متخلين عن سياسة التوفيرلقاء اقتناء سلعة ذات جودة؟ هل يبقى اسم شركتك مستمراَ في عقولهم وقلوبهم لأجيال؟
توجه العالم اليوم الى سرد القصة حول منتج عبر قصةمكتوبة أو مرئية أو مسموعة علماً أن هناك نسب المئوية تقيس إقبال الناس على كل نوع من أنواع القصة وذلك حسب الوسيلة التي تنطلق منها حملة تسويقية أو اعلان لعلامة تجارية.
القصة محفزة للدماغ
اذا كنت تقرأ أو تشاهد قصة يظهر بها أحد الشخصيات وهو يتناول منتجاً يحتوي على الشوكولا أو مذاق الليمون ألا تتحفز لديك حاسة التذوق؟ انطلاقاً من ذلك يؤكد العلماء “أن الاعتماد على القصص يعمل على تحفيز أجزاء من الدماغ المرتبطة بالبصر، بالمذاق وبالصوت والحركة، والتي يمكنها التأثير على شخص ما في اختيار منتَج بدلاً من آخر، ويجد الدماغ البشري مزيداً من السهولة في استيعاب القصص أكثر من الاحتفاظ فقط بالمعلومات الصرفة والمجردة”
رواية القصة بحاجة الى مقدمة وحبكة وخاتمة تعمل فيها الشخصيات والحوارات دوراَ في تثبيت الهدف منها شانها شأن القصة المرتبطة بالناس التي تحكي قضاياهم ويشعر القارئ انه جزء منها.
الإبداع يتكلم
بدأنا بقصة أفشلت شركتها وأدت إلى هروب العميل وفي نهاية المقال لابد من أمثلة تحفيزية أشهرت المنتج والشركة لأجيال، وسنضيف الى قصص شركة *آبل* و *وتويوتا* وشوكولا *كيت كات* سنضيف سلسلة قصص اعلانية لمنتج *سنيكرز* —-“إنت مش انت بالمرة وأنت جعان” وللقارئ حرية التمتع برؤية تلك الاعلانات الناجحة عبر أسلوب القصة التسويقية.
ماذا يعني ذلك؟ وأين عناصر القصة التي لابد للمسوق أن ينتبه إليها؟ دعونا نحلل ماجرى.
لم تؤد الطريقة التي دخل بها المسوق الا الى هروب العميل من
هي أن توجد قصة لشركتك تحكي عنها وعن سبب وجودها على أرض الواقع..
2ـ التزم بمكونات القصة : فأي قصة ببساطة تتكون من (( أحداث ، عقدة، شخصيات ،حوارات ، صراع ….))
3ـ المشاعر دائماً تربح: عليك أن تحرك مشاعر المتلقي بما يناسب الغرض والهدف المطلوب وهذا ما يميز القصة كأسلوب تسويقي ..
4ـ من الضروري وجود التشويق : وذلك لتكون قصة ممتعة ومقنعة أيضاً ، حيث يمكن أن تقدم قصتك على مراحل منفصلة وعند اللحظة المناسبة تعرض الإشارات التي تجمع بين المراحل كلها …
وأخيراً : فإن قصتك هي الرسالة والهدف من وراء كل ما تفعله أنت وفريق العمل في شركتك .
دخول المندوبات الى المكان بشكل عشوائي دون تحديد الجمهور المستهدف، رأيتا باباَ مفتوحا فدخلتا!!!
أولى عناصر القصة التسويقية تحديد الهدف واستهداف جمهور يتناسب مع المنتج المراد تسويقه، وبدل أن يتم اختيار البيوت وربات البيوت لمنتج “مزيل البقع” ذهبن الى مكاتب عمل حكومية!!
التسويق للمنتج قبل البيع .
فجأةَ ودون أي مقدمات.. تعرض البضاعة دون معرفة اسم الشركة المنتجة
بعد أكثر من عشرين عاماَ مازالت الذاكرة تحتفظ بالقصة لماذ؟
يقول التفسير العلمي أن الدّماغ البشري يجد سهولة كبيرة في تخزين القصص أكثر بكثير من تخزين البيانات وتميل الناس للارتباط بقصة حقيقية أكثر من الارتباط بقصة خيالية