ليش أخترت مهنة المبيعات ، أم هي اختارتك؟

المبيعات أختارتني قبل ما أختارها، الحقيقة اني بدأت أول سنين حياتي العملية بالعمليات، بالعمل في أحد شركات خدمات البترول العالمية، كانت تلك حقيقة أجمل سنين حياتي العملية، وقتها كنت مكلف بالعمل في حقول البترول و على الحفارات تحديدا، عملت في تلك السنين بمواقع مختلفة، فكل مرة في موقع جديد و ناس مختلفين و مشكلات عمل مختلفة، عشقتها لأنها كانت أبعد ما تكون عن الروتين السمج، روتين وقع في الصباح و اجلس على مكتبك طول اليوم، ثم غادر منهيا يومك بتوقيع آخر، فقط لتعيد الكرة باليوم الثاني، أنه الروتين اللذي لم أعود نفسي على تقبله أبدا، و العمل بحقول البترول كان أبعد ما يكون عن الروتين، لكن مع ذلك قررت أن أتركه لأني لم استطع بنهاية المطاف الوزن بين حياتي العائلية و نمط الحياة في قطاع البترول، اللذي تصبح فيه و لا تدري أين ستأخذك الأقدار و متى سترجع، فكرت مليا في عمل يبعدني من حياة الحقول و تجعلني أكثر استقرارا، خاصة بعد أن اتصلت علي زوجتي لتخبرني أنها مريضة و تحتاج مستشفى بينما كنت بعيدا في موقع العمل، و حين اتصلت بالادارة أخبروني أن علي أن ابقى في الموقع لأنه لا يوجد أحد يبدلني ولو ليوم واحد، علمت وقتها أن حياة المغامرة في حرض و العضيلية و عين دار و مرجان و غيرها قد انتهى، ببحثي عن مهنة أخرى وجدت أن المبيعات هي ضالتي، فهي مهنة غير عادية، غير روتينية، كل يوم عميل جديد و تحدي جديد و مغامرة من نوع جديد، و منذ يومها و أنا اتقلب بين صفحات يومياتي بالمبيعات.

المبيعات هي مهنة ديناميكية جدا، و ليس كل أحد يستطيع العمل فيها، فالعامل فيها يحتاج أن يتمتع بكاريزما من نوع معين و محدد، و قدرة على تحمل مطرقة طلبات العميل و سندان كابوس الأهداف البيعية، المبيعات هي و بشكل مختصر أن تطرق باب شخص لا يعرفك، فتفهم مشكلته أولا، ثم تعرض عليه حل متمثلا في سلعتك أو خدمتك التي تقدمها، و بذلك فعليا أن تبيع القيمة أو الفائدة و ليس الخدمة أو السلعة، فليس هناك عميل يشتري السلعة أو الخدمة بحد ذاتها، انما هو فعليا يشتري القيمة من ورائها، المبيعات هي المهنة الأولى التي تمكنك من التعرف على شريحة واسعة من الناس، و على أخبار الإقتصاد التي كثيرا منها لا تنشر بالجرائد، فتعرف أن المصنع س أوقف انتاجه و لماذا، و العميل ص يبحث عن حل لمشكلة في خط انتاجه، و الشركة ع تخطط لأستحواذ شركة أخرى، و أحيانا كثيرة قد تعرف أن المشروع و لم يبدأ على أرض الواقع خلاف التطبيل الدائر في الإعلام.

المبيعات أخترتها لأنها ممتعة، و عشقتها لأنها فهمتني، و أبدعت فيها لأن ليس لها حدود، قد يظن كثيرين أنهم مبيعات لكن حين تحلل ما يقوم به فغالبهم مجرد مدخلين بيانات أو مراسلين بين منظماتهم و العملاء، المبيعات تعلمك فن التفاوض و التحليل و التخطيط و قرائة الماس، المبيعات تمكنك من فهم كيف الاستراتيجيات تحاك، و كيف تدير فريق ليحقق هدفه، المبيعات تعلمك الصبر على الحماقات، و تفهمك أن التغاضي عن كل ما يخدم هدفك و بطريقة عقل باطنية، لدرجة يستغرب بعضهم عن عادتك بتجاهل سفائف الأمور و تركيزك على كاله معنى، المبيعات أسلوب حياة و ليست مجرد مهنة.

إذا أعجبك الموضوع, أسعدني بمشاركته

فيسبوك
لينكدين
تويتر
البريد الإلكتروني

استشاري إداري معتمد، متخصص في تطوير المبيعات و الأعمال، أكثر من 19 سنة خبرة في B2B القطاع الصناعي و القطاعات أخرى مختلفة، خبير في قيادة فرق المبيعات و تطوير عمليات البيع مما يؤمن نمو الأعمال، حاصل على شهادات متخصصة في التسويق و المبيعات و التدريب و التطوير، مؤلف و مدرب و مقدم بودكاست جنبيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Open chat
مرحبا👋
كيف ممكن أساعدك اليوم؟