بعد خدمة 4 سنوات و سبع أشهر تنتهي رحلتي مع شركة مسك للكابلات و الحمدلله، و اليوم أحببت أن أشارككم تحربتي مع هذه الشركة كونها اول شركة وطنية أعمل معها، و رأيت فيها مالم أره في أي مكان آخر، مما أثرى خبرتي و معرفتي على المستوى الشخصي و المهني على حد سواء.
البداية
لم تكن عملية التوظيف عملية سلسة في مسك للكابلات. و الحقيقة أتذكر و كأنها كانت بالأمس حين تواصل معي مدير عام الموارد البشرية الاستاذ عبدالرحمن ردا على طلبي الوظيفي. أم هو الذي وجد سيرتي على موقع بيت؟. لا اذكر حقيقة لكن لا شك أني كنت سعيد بأنهم تواصلوا معي. لكن المشكلة كانت انهم تواصلو معي و ثم اختفوا. ظنا مني أني لم انجح في نيل الوظيفة. و بعد خمس أشهر تلقيت اتصال منهم يسألوني هل كنت ما زلت مهتم بالوظيفة. و بعد التأكيد و انهاء الرسميات بدأت العمل معهم كمدير فرع المنطقة الشرقية.
التجربة
كم كانت مميزة تجربتي مع شركة مسك، حيث كانت أول تجربة لي أن أكون مسؤول عن موقع عمل كامل كمدير فرع، و الواقع أن نوعيا كانت هذه الوظيفة مميزة لأن يوجد منها فقط 3 على مستوى المملكة، شخص في جدة و آخر في الرياض و أنا في الشرقية.
مع أن تجربتي ككل كانت سعيدة و ناجحة، حيث حققت الكثير في فترة عملي معهم، و ساهمت في تطوير الكثير بالشركة تحت رؤية المدير التنفيذي وقتها و نائب الرئيس المهندس تامر، أفضل مدير مر علي أبدا، ولا أظن سيمر علي شخص مثلة مرة أخرى، وان كنت متحسر على شيء ما فهو فراقي لهذا الشخص المميز.
الاشكاليات
أكبر اشكالية تعاني منها مسك للكابلات هو غياب أي تخطيط استراتيجي، و مع أن المنظمة مساهمة عامة. الا أن مجلس ادارتها ما زالوا يديرونها كأنها شركة عائلية. الحقيقة أن انطباعي الشخصي هو ان كان هناك شيء يضر هذه الشركة فهو مجلس ادارتها نفسهم. حيث انهم يعاملونها كمشروع جانبي. ولم الاحظ اي اهتمام شخصيا فعلي بحل مشكلاتها أو انظمتها العتيقة، فواقع الأمر أن من بنى هذه الشركة و اسسها و جعلها ما هي عليه اليوم هو شخص وافد دارت الأيام و انهو عمله، و من يومها و مجلس الادارة تورطوا بهذه الشركة و كيف ادارتها للربحية. حيث تزامن مغادرة هذا اريادي مع تحويل الشركة من خاصة الى عامة و دخولها الاسهم. حيث كانت اسهمها وقت الطرح ارقاما قياسية ما لبثت ال ان سقطت بعدها و الى يومك هذا.
بيئة العمل
أكثر ما تعاني منه الشركة هو التحالفات (المافيات) الداخلية، حيث تدار القرارات تبعا للمصالح الشخصية. و كل مدير و مدير عام يحرص على رفع قيمة وجودة بأني يقص ريش فريقه. و ذلك سعيا من جعل نفسه شخصا لا يمكن الاستغناء عنه.
للأسف أن هذه الشركة و مع وجود مركز تدريب فيها يستخدمونها للتسويق و التشدق بانهم يدربون موظفينهم. الا أني و طول فترة عملي مع مسك للكابلات لم أرى دورة تدريبية واحدة. التدريب الوحيد الذي حصل هي بعض الدورات التدريبية التي قدمتها انا بنفسي للموظفين. و مع دعم قسم الماورد البشرية و مديري الذي توسعت مسؤولياته حتى صار في شبه دور مدير تنفيذي مع وقف التنفيذ.
أما الطحالب فهم مشكلة عويصة فعلا تعاني منها الشركة، فهناك شريحة موحدة من جنسية واحدة و تجاوز عملهم في الشركة لأكثر من 10 سنوات. هذه الشريحة هم عماد غالب الاشكاليات الأخلاقية في هذه الشركة. حيث يدورن و يصولون على مصالحهم. و كثير ما دارت نقاشات حول شبهات أخلاقية لكن لم تتمكن الشركة من اثباتها في أي تحقيق.
الكفاءة
للأسف الشركة كان بنظام تستهلك وقتي و جهدي. حيث ان غالب وقتي اقضيه في الركض داخل الشركة لتسيير الأمور و اتعامل مع المافيات حتى لا يقتلون عملي و مبادراتي. و للأسف كنت أقضي غالب وقتي بالتعامل مع المشكلات الداخلية عوضا عن استثماره مع السوقو العملاء.
المحسوبية
المحسوبية كان لها وقع عميق حيث ان مستقبلك في المنظمة يعتمد على منتعرفه بالمنظمة و كيف يدعمك، وهي ذات اهمية أكبر من مؤهلاتك و انجازاتك و خبراتك. فاذا كنت شخص انطوائي مثلي نوعا ما. فعليك ان تعلم نفسك الا تنتكس تحفيزيا لما تجد شخص اقل منك جلس على كرسي ما بينما لم تتلقى حتى شكرا واحدة من سنوات. تعلمت ان اروض نفسي و الا اتأثر. لكن الشركة كانت تجزيني على صنيعي و تفاجئني كل مرة، حيث بدأت معهم كمدير فرع. و انتهيت معهم كمدير عام للتسويق، و مدير عام بالانابة لمبيعات المشاريع. و هذا انجاز نوعي سعيد به فشكرا لله ثم ثقة رؤسائي و زملائي و اتاحتهم لي الفرصة أن أعمل معهم.
على فكرة ، ان كنت مهتم أن تكتشف عن “التوظيف و الترقيات و نصائح مهمة” فاستمع للحلقة 116 من بودكاست جنبيات مع الضيف جاسم حسن
لكن الجميل في هذه الشركة أنه و بسبب غالب تلك السلبيات النوعية التي ذكرتها. سمحت لي أن ابحر و اصنع و ادخل افكار ريادية في بيئة عمل متعطشة. الحقيقة اغتنمت الفرصة لتعلم الكثير و انجاز الكثير و كنت سعيد فعلا. و طبعا كل قصة سعيدة كانت أو تعيسة فلابد من نهاية. و نهايتي كانت بمغادرة المدير التنفيذي و جلوس أحد اعضاء مجلس الادارة لادارة الشركة. ولما لهذا الشخص من سمات الأنا و النرجسية و العنصرية المتاصلة في شخصه. فقررت الرحيل عائدا لمنطقة الشرقية محبوبتي.
النهاية
في موقع لنكدان وضعت الوداعية لاخواني و اخواتي في شركة مسك. ان كنت تريد الاطلاع على الفيديو اللذي ودعتهم فيه فستجده هنا. لكن الحقيقة أن عملي مع تلك الشركة كانت مميزة فعلا و مؤثرة على في اصعدة عديدة الشخصية منها و المهنية، لا أقول ان أيامي فيها كانت شهد و عسل كما يقولون. لكن فعلا كانت فيها من المد و الجزر نصيب
تجربتي مع تلك الشركة لا تقارن بشركة أخرى. قومتني كمحترف في العمل. و تمرست على المواقف التي قلما يمر بها أي شخص في ظروف عادية، حيث لم تكن ظروف عملي بمسك أبدا عادية منذ توقيع عقدي معهم، الى يوم خروجي منها، أذكر اول اسبوع عملت فيها جبرت على العمل في عيد الأضحى المبارك من قبل مديري حينها. و آخر حوار كان لي فيها كان مع مديري المهندس تامر سلامة الذي طلبته أن يشاركني تغذيته الراجعة قبل رحيلي ولم يبخل أبدا. هذا الرجل الحقيقة لم أفهمه كشخص لكن فعلا تعلمت منه كمدير و اخ أكبر، لم يخذلني للحظة طول فترة عمل. او على الأقل بالسنتين الأخيرة منذ انتقالي للعمل بالرياض. لطالما كان يغدق التوجيهات و التعليمات ليطورني، و لطالما كان يحور المواقف متى انقلبت علي المواقف، المفاد اني سعيد بتجربتي المسكية، و ان كان ختامها بتغير الادارة العليا الى ادارة لا يليق أن أصفها على حقيقتها في مكان مفتوح.
تعلمت فيها مالم اتعلمه طول فترة عملي. و رأيت فيها مالم أره من قبل، و قابلت فيها من الرجالات و السيدات ما يشد بهم الظهر. و منهم أيضا من تعلمت كيف اتعامل مع شاكلتهم و نوعياتهم الحنفشارية، حققت فيها الكثير و أكثر مما كنت مخطط له. لكني تمنيت ان حققت فيها ما كنت أطمح له في آخر أيامي لولا أن تغيرت ظروفها.
شكرا مسك لكم على كل ما قدمتموه لي، و أستودعكم الله.