تعمل كل من الشركات الناشئة والضخمة من أجل تحقيق رضا العملاء، ويتطلب الأمر فهما واضحا لاحتياجاتهم. وتحظى عملية تحديد احتياجات العملاء بأهمية كبرى لا يمكن تجاهلها، لأن التقاعس في تلبية احتياجات العملاء سيؤدي بالشركات إلى الخسارة، وهذا آخر ما تريد الشركات حدوثه. وفقا لدراسة أجرتها l’Académie du Service فإن السبب الأول للعلاقة المتوترة بين العملاء والعلامات التجارية هو نقص معرفة الشركات باحتياجات عملائها. هل ترغب الشركات في تجاهل احتياجات عملائها؟ بالطبع لا، لكنها تجد صعوبة في القيام بذلك. ولهذا تحديدا تم تطوير منظور تحليل بيانات العملاء. ما المقصود به؟
تحليل احتياجات العميل يعني تحديد توقعات ورغبات العميل لمنتج أو خدمة، من الناحية العملية تسمح هذه العملية بتطوير منتجات وخدمات وإنشاء عروض تتماشى وتوقعات المستهلك، أي تقدير قيمة العملاء ( Customer value).
يتطلب القيام بعملية تحليل احتياجات العملاء توفر قواعد بيانات العملاء التي تحتوي على جميع البيانات الكمية والنوعية المتعلقة بعمليات الاتصال بين الشركة والعميل و عمليات الشراء. وإن كُنت تتساءل عن مدى صعوبة الحصول على معلومات مثل هذه، فتطمن لأننا نعيش في عصر البيانات الضخمة أو عصر النفط الجديد كما يحب مختصو علم البيانات تسميتها، وكل نشاط نقوم به ينتج عدد بيانات لا نهائي، الاتصال مع خدمة العملاء، الايمايلات، التعليق على مواقع التواصل الإجتماعي، تصفح مواقع الشركات…
يتم تجميع هذه البيانات بواسطة برمجيات خاصة مثل CRM، ثم بعد الإنتهاء من هذه المرحلة الأولى التي تسمى مرحلة جمع البيانات تأتي مرحلة تجزئتها وفق مجموعة من المعايير بهدف بناء حملات مستهدفة ودقيقة.
تجزئة بيانات العملاء
أصبح المستهلكون أكثر تمايزا وتطلبا أكثر من أي وقت مضى، ويتوقع كل منهم من الشركات تلبية رغباته، وهذا ما تؤكده دراسة هاريس بول التي تقول بأن “63% من المستهلكين يتوقعون التخصيص كمعيار للخدمة”، أي ينتظرون من الشركات أن تتعرف على حاجياتهم كأفراد وتُلبيها.
وليست الرغبات والاحتياجات فقط ما يميز العملاء عن بعضهم البعض، فحتى سلوكهم أثناء تصفح مواقع الشركات أصبح مختلفا، ما يُصعّب على الشركات افتراض احتياجاتهم وتحديد المنتج أو الخدمة الصحيحة لهم وكيفية إيصالها. وبهذا انكسرت النظرة التقليدية للمستهلكين، وظهرت الحاجة لإيجاد طريقة جديدة لاستهدافهم بشكل صحيح. وهنا ظهرت الحاجة إلى تجزئة العملاء « Customer segmentation » ، فما المقصود بها؟
تجزئة العملاء هي عملية تجميع العملاء حسب السمات أو الخصائص الشائعة، والتي يمكن أن تكون ديموغرافية أو نفسية أو سلوكية. والهدف من ذلك هو الحصول على فهم أعمق لكل قطاع، حتى تتمكن الشركة من إيجاد العميل المناسب في الوقت المناسب واستهدافه بالرسالة المناسبة.
لماذا تجزئة بيانات العملاء؟
وفقا لروب ويليامس البروفيسور في جامعة تكساس فإنّ : “75 ٪ من المنتجات الجديدة تفشل أو لا تحقق أهدافها من الإيرادات وأهداف الربح المتوقعة لأن العلامات التجارية لم تستمع إلى عملائها أو لم تبذل جهدا للحصول على تعليقاتهم”. هل يمكنك تخيُل حجم الخسائر والجهد والوقت الضائع التي كان من الممكن تجنبها لو أجرت الشركات حديثًا مع عملائها قبل وضع خطة الإنتاج.
ويفترض أن يتطرق الحديث المسبق بين الشركات وعملائهم إلى الميزات المنتظرة في المنتج أو الخدمة والسعر الذي يتوقع العملاء دفعه مقابل ما ستقدمه الشركة. لكنّ الصادم هو أنّ 80% من الشركات لا تقوم بهذا النوع من المحادثات مع عملائها خلال المرحلة المبكرة من تطوير المنتج أو الخدمة.
القيام بمحادثات مسبقة مع العملاء كان من شأنه أن يساعد الشركات على:
- تحسين معلوماتها حول عملائها.
- إنتاج منتجات وخدمات مناسبة لاحتياجات الجمهور المستهدف.
- تحديد تحديات الأعمال وفرص المنتجات في الأسواق.
- مساعدة فريق المبيعات على التركيز على الفرص المناسبة واستهدافها في التوقيت المناسب.
- إنتاج الرسائل المناسبة لاستهدف الجمهور.
خطوات تجزئة بيانات العملاء
تمر عملية تجزئة البيانات بعدد من المراحل، تتمثل في:
1- تحديد الهدف من تجزئة بيانات العملاء:
ما هي المشاكل التي تحاول الشركة حلها باستخدام تجزئة العملاء؟ ما الذي تأمل في تحقيقه؟ يجب التحديد قدر الإمكان باستخدام المقاييس لتعيين أهداف قابلة للقياس.
2- جمع البيانات:
يتم خلالها جمع البيانات الداخلية ثم الاتجاه للمصادر الخارجية، بهدف الحصول على البيانات اللازمة حتى يتم تقسيمها إلى فئات وفقا لمعايير محددة. وعلى الرغم من أن بيانات العملاء متوفرة إلا أنها تتطلب جهدا لجمعها، ويمكن جمعها من خلال القيام ب:
1- إجراء مسح للعملاء سيمكن الشركات من معرفة ما يزعج العملاء بشأن خدماتهم، والمشاكل التي يريدون إيجاد حل لها.
2- التسويق عبر البريد الكتروني يمنح الشركات فرص كبيرة للتعرف على تفضيلات العملاء وسلوكهم الشرائي.
3- مواقع التواصل الإجتماعي مصدر جيد لجمع البيانات الكمية والكيفية، وذلك من خلال مراقبة تفاعل وتعليقات الأشخاص حول العلامة التجارية.
4- تحليل حركة زوار الموقع الإلكتروني تساعد الشركات على الحصول على المعلومات الديموغرافية والسلوكية الضرورية، أي المدة التي يبقون فيها على الموقع، مسار النقر، وما يتركونه في عربة التسوق الخاصة بهم، وبيانات المعاملات التي تتضمن ما يشترونه، وعدد المرات التي يشترونه فيها، ومتى يشترونها وإذا اختلف ذلك حسب الشرائح السكانية أو الاستهلاكية.
5- شراء البيانات، وأغلب الشركات تقوم بهذا.
3- اختيار معايير تجزئة بيانات العملاء:
يجب أن تعكس المتغيرات الاختلافات بين العملاء، وتعتمد على العلامة التجارية، يمكن النظر إلى متغيرات العمر ،النوع، الحالة الاجتماعية، التعليم، الجغرافيا، الدخل، ملكية الجهاز، الاستخدام.
4- إختيار مقاربة التجزئة:
ومن بين أكثر المقاربات استخداما نجد: مقاربة الأداء، Buyer personas، حركة الأداء والمبيعات.
بعد تجزيء العملاء إلى مجموعات يتم تحليل هذه البيانات بالاستعانة بأساليب تحليل البيانات المعروفة، ثم استخلاص نتائج من شأنها المساعدة على بناء المنتجات والخدمات ووضع خطط الترويج وسياسات المبيعات المناسبة، مع العلم أن عملية تجزئة البيانات هذه يجب أن تتكرر حتى تستفيد من معلومات إضافية.