نعرف كلنا أن عملنا بالمبيعات لا يضمن أن نجد طريقنا لعتبة كل عميل مرحب بما نقدمه، بل غالبا يكون العميل مقاوم و هذا طبيعي جدا، لأن كل قرار يكون يحتاج الى دفع مبلغ أو العمل مع طرف مجهول، يولد طاقة المجهول و التي تمنع العميل من أخذ قرار سريع بالموافق حتى لو كان متيقنا من الوهلة الاولى بأن كل ما نعرضه في صالحه.
كيف لا و هو لا يعرفنا ولا يعرف منظمتنا، لا يعرف كل تلك المخاطر المحتملة التي تتقافز اما عين خياله، مما يدفعه لأخذ موقف دفاعي ضد كل ما نقوله أو نحاول اثباته، قد يكون موافق ليسمع لنا ، أو يجتمع بنا ، او يقرأ رسالة منا ، لكن أن يأخذ نفسه الى قرار الأغلاق و ارسال أمر الشراء، فهذا ليست مهمته، بل مهتمتي انا و انت و أنتي العاملين بالمبيعات، جنود الخط الأمامي، نعم جنود و نحن في معركة نعزم على ان ننتصر فيها.
التقيت في مدينة الجبيل في عميل رائع حقيقة، فكانت اعماله مستقرة جدا اذ يعمل جنبا الى جنب مع شركة حديد سابك، و توريداته لا تنتهي و بالملايين سنويا، لكن منظمتنا لم تعمل مع هذه المنظمة البته، و هذا شيء لم أفهمه و لم اعرف لم مهما بحثت عن السبب، الا أني سألت العميل لم لم يتواصل مع أقدم منظمة موردة لمنتجاتنا بالمنطقة، فأخبرني انه لا يعرفنا حتى!، عرفت أن المنظمة التي انضممت فيها مؤخرا مقصرة كثيرا في كثير من الأشياء، مقصرة بالتسويق و في وضع استراتيجيات و تكتيكات فعاله للمبيعات، و لأكون صريحا منظمتنا لم تكن الأفضل ما عملت بها، فكان يشوبها الكثير من البيروقراطية و السياسات المبنية على مصلحة فردية لمنسوبيها، كانت بيئة موبوئه و على رأسها مديرها الننفيذي الأصلع، لا أقصد بصلع لاشعر، انما بصلع المهارات و الابتكارية و القيادة، فكان أكثر مدير تنفيذي عاجز عن فعل أي شيء فعال أبدا، ولا أدري عن كيف نال الحظ القاسم اللذي وضعه مديرا تنفيذيا على منظمة كبيرة مثل تلك، لكنها ليست أول مرة نرى أحمق يعتلي منظمة، فكم رأينا مدراء تنفيذيين يعتلون قيادة منظمات ثم يسقطون بناء على طلبه.
عموما لنرجع الى موضوعنا مع الشركة التي اريد أن أقص تجربتي معها ،فحقيقة أن الاعمال المتوقعه معهم ستحقق مالا يقل عن 40% من هدفي السنوي و أنا مرتاح، و بم ان عملائي الحاليين يحققون % فهكذا أنا أمنت 70% بضربة قاضية، و باقي 30 مالمائة نركض ورائها للاربع الأشهر الباقية قبل انقضاء السنة المالية الجارية 2019، فلما بحثت في ما نعرضه و عملت خريطه للعملاء بالمنطقة و اللذين لا تقل مسحوباتهم عن 3 مليون ريال بالسنة، ظهر اسم هذه المنظمة التي لم أجد لها مكان في أي قاعده بيانات لدينا، بل لما ذكرت بالمنظمة عنها و رغبتي في التحدث معهم قفزوا علي ينثرون نحاستهم، بأنهم تكلموا مع هذا العميل أكثر من مرة لكن لم يفلحوا، و اني حر بتضييع وقتي معهم، لا ادري كيف تواصلوا مع عميل لا يعرفهم كما أكد لي العميل قطعا!.
دخلت على المدير التنفيذي العميل، و كان رجلا لبقا و ذكيا جدا، و الحقيقة لا يهمني أن يشتري عميل مني، لكن يهمني كثيرا أنه يعاملني باحترام و احترافية، جلست على الكرسي امامه و هو قد طبق ذراعيه على صدره منصتا باهتمام ما لدي لأقوله، لما انتهيت من مقدمتي التي حضرتها بالأمس، قال لي صراحة أنه وقت الاسبوع الماضي مع منظمة منافسة لمدة سنتين و أنهم سيقومون قريبا بتركيب المعدات، للملعومية بين العقد و موضوع ان عملية التركيب مخطط لها و مؤكده علمت ان احتمالات الفوز بهذا الحساب الذهبي قد تضائلت الى 5%، حككت رأسي و أنا أصرخ داخليا قهرا، لكن قلت لنحاول مع هذا العميل مرة أخرى و أضع قدمي في الباب بدل أن أقف خارجه، فلبست قبعة الاستشاري و قلت للعميل، كم كنت تعمل مع المورد القديم، فأخبرني أن علاقتهم لا تقل عن 20 سنة، و ثم اردفته كم يعرف هذا المورد الجديد، فقال لي لا أعرفه ولم يورد لي بعد، فنوهت له و انا أحك ذقني، هل تعرف ان اذا وقعتم العقد و سمحت له بتركيب معداته، فأنت مربوط معه، و انت هكذا تعرض عملياتك للخطر إن اكتشفت ان هذا المورد الجديد ليس الأختيار الصحيح، لكن سيكون الوقت متأخرا و صعب جدا تصحيحها دون مان لحمايتك من أي نتائج لتلك المخاطر مثل انقطاع التوريد و توقف علمياتك لعميلك سابك، و كما تعلم سابك لا ترحم فدقيقتها بالملايين، هنا نظر الي العميل و قد تقلصت حدقة عيناه لأنه يعلم أن ما أقوله صحيحا فسألني في نوعا من اللهفة المخفية، و ما تنصحني به انت، قلت له مسرعا، عليك بتأمين خطة “ب” و نحن سعيدين أن نكون لك خطة “ب”، العميل ركض ليسحب عقد المنافس ليراجعه بينما نحن جالسون و وجد ثغرة تسمح له بالتعامل مع أكثر من مورد مع وجود عقده ذو 3 سنوات.
الشاهد هنا، لما ترى الطريق مسدوج فثق ان هناك دوما مخرج، ليس دور العميل أن يوجد لك ذاك المخرج أو يشير لك اليه، انما هذا دورك أنت كمبيعات، كشريك أعمال، كأستشاري، هذه قيمتك و هذا واجبك نحو عميلك.